- Select a language for the TTS:
- Arabic Male
- Arabic Female
- Language selected: (auto detect) - AR
Play all audios:
ومضت الإنتخابات بكل تفاصيلها بخيرها أيضا وشرها ولم يتبق من آثارها إلا تشكيل الإئتلاف الحكومى بعد اداء الرئيس لليمين الدستورية فى يونيو القادم لتبقى الفرحة مرفوعة للقوة 2 : فرحة الإنتصار
الإنتخابى على خصم مدرب بعناية والفرحة الثانية فرحة أعياد الإنقاذ . فى حقيقة الأمر الكثيرون فى السودان يقيسون الإنتخابات بمعايير الأرباح والخسائر , إذ لديهم الإنتخابات موسم للسمسرة المربحة غض
النظر عما سيقدم للجماهير وهذا ما وضح لنا تماما من متابعتنا لسير العملية الإنتخابية الأخيرة التى جرت فى البلاد , إذ أن هناك قوى خفية مثلها مثل قوى السوق تروج للمرشحين وتجلب الناخبين من كل فج
عميق من وراء ظهر الحكومة والأجهزة الرسمية وكثيرا ما يلقى اللوم عليها كأجهزة حتى تغطى تلك القوى على عبثها , ولا يهمها من يفوز بقدر ما يهمها أنها قدرت أن تعبث بمسار الديمقراطية فى السودان
وتروج لذلك داخليا وخارجيا , ولايهمها أيضا ماذا يجنى المواطن بعد ذلك من وراء عبثها بالديمقراطية وبسيادة المواطن الشعبية التى تجسدها الإنتخابات . وبمنظار آخر يمكن أن نقيس الإنتخابات من وجهة
نظرنا نحن , يمكننا أن نقول إن الإنتخابات جزء من بنيان ديمقراطى ضخم , ولذا لايمكن أن يتم البناء ما لم تتوفر العناصر الضرورية اللازمة له . والإنتخابات على هذا المنوال تلزمها عناصر هامة وهى
الناخب والمرشح والقانون الذى تجسده الأجهزة العاملة فى هذا المضمار الهام ومنها المفوضية القومية للإنتخابات والأجهزة الأخرى المساندة لها فى هذا العمل القومى الكبير كالشرطة والأجهزة الأمنية
والرقابية , وعليه لكى نقيس مدى نجاح الإنتخابات من عدمه , يجب علينا أن ندرس ونحلل هذه العناصر الثلاثة لنرى مدى فاعليتها فى المشاركة فى العملية الإنتخابية ولاينبغى أن ننساق وراء أحاديث
السماسرة ومن تبعهم , الذى يبعدنا من أن نعى دورنا فى هذه المرحلة التى ينبغى أن تعالج وترصد بشكل علمى يساعد فى وضع مرجعية نستند إليها فى مقبل الإنتخابات العامة القادمة .. أما بالنسبة للعنصر
الأول وهو الناخب وهو العنصر البشرى الأهم فى مسار العملية الإنتخابية إذ بإنتفاء هذا العنصر يكون لاوجود لما يمكن أن نسميه إنتخابات , لأن المرشح يكون ممثلا لعناصر بشرية تنتخبه وفق اجراءات محددة
, يمكن أن نقول عنه ورغم تراخى الكثير من الناخبين لإرتفاع صوت المعارضين للإنتخابات , أنه إستطاع وبما توفر له من حس وطنى فى كثير من مناطق الوعى بالسودان أن يحسم قضية قد تبدو غائبة عن وعى
الكثير من المواطنين وهى قضية الصراع الخفى القائم ما بين الحكومة والجبهة الثورية المسلحة من خلال آلية الحوار الوطنى ” 7 + 7 ” التى شكلت بالمناصفة من الحكومة والأحزاب التى قبلت مبدأ الحوار ولم
تعارضه منذ إنطلاقته كما فعلت بعض من الأحزاب الأخرى , ويتمثل الصراع الخفى فى أن الجبهة الثورية كانت لاتريد قيام الإنتخابات لحسابات سياسية إذ لاتريد شرعنة نظام الإنقاذ الذى تعتبره نظام شمولى
إنقض على السلطة بليل بالتالى أى محاولة منه لطرح قضايا حوار وطنى يوقف الحرب ويحقن الدماء تعتبره ضرب من ضروب ضياع الزمن حسب تعبيرها السياسى وتفسيرها له , بينما الحكومة تقول بدستورية قيام
الإنتخابات حسبما ما أشار إلى ذلك دستور عام 2005 م الإنتقالى الذى حدد القواعد والمعايير الفنية التى تقوم عليها الإنتخابات كما حدد الفترة الزمنية لقيام الإنتخابات فى السودان وهى كل خمس سنوات ,
كما أن هناك مرجعيات أخرى غير الدستور عضدت راى الحكومة فى ما ذهبت إليه فى قيام الإنتخابات , منها إتفاقية السلام الشامل ومؤتمر جوبا فضلا عن الدستور الذى شاركت فى صياغته كل القوى السياسية
ومنظمات المجتمع المدنى , وهذه حجة سياسية قد تكون أقوى من حجة الجبهة الثورية السياسية فى جر الحكومة إلى مقررات وتوصيات الحوار الوطنى لتصبح هى البديل الواقعى لشرعية الإنتخابات وهذا ما تنبهت له
الحكومة وقطعت المفاوضات وعادت من أديس أبابا وأسقطت بذلك الكرت الأخير المسنود إقليميا ودوليا فى يد الجبهة الثورية – والناخب كان يمكن أن يقاطع الإنتخابات لكنه بوعيه السياسى منع قيام فراغ
دستورى كان يمكن أن يخلفه الشد والجذب بين الحكومة والجبهة الثورية , وأن يخلق فوضى ربما لانهائية وكل الأسباب متوافرة لذلك ? وهنا نجح الناخب بإمتياز قد يحسده عليه الإتحاد الأوروبى فى أن يخلص
الإنتخابات بنسبة مقبول . أما المرشح لايزال بعيدا عن أجواء الناخب وأفقه الذى يبدو أنه أفقا إعتباطيا , وهو لايزال يعيش فى عزلة سياسية ويفتقر إلى المرجعية السياسية , وعليه أن يعى أن الخطوة
السياسية الجريئة التى قام بها الناخب السودانى لم تكت نتاجا لخطابه السياسى لذا هى تتطلب من المرشح الفائز فى الإنتخابات الأحيرة أن يحمل فكرها وينفذه داخل الأروقة التشريعية والبرلمانية للمرحلة
القادمة وهى مرحلة شديدة الأوار لاتقبل التقاعس والإشارة والتواكل . وليعلم المرشحين الفائزين أم غيرهم أن ما قام به المواطن السودانى فى إنجاح الإنتخابات منفصل تماما عن الخطاب السياسى للمرشحين
الذى جاء مقتضبا وخجولا فى أكثر تفاصيله حيوية . عليه فى الخمس سنوات القادمة وبعيدا عن المناورات والتحديات الجوفاء أن يقوم الفائزين بترسيخ ثقافة الديمقراطية فى خطابه السياسى وأن ينأى عن
العنتريات البرلمانية والذى سينتقل من الدهاليز الصغيرة إلى المواجهة الجماهيرية العريضة وقوى الدولة الحقيقية . أما القانون الذى نظم كل تلك الضجة المسماة إنتخابات والذى نفذته بكل دقة وقوة وصبر
وانأة المفوضية القومية للإنتخابات حسب ما خوله لها الدستور ومن خلفها مجلس الأحزاب السياسية حسب وضعه الراعى للأحزاب فى السودان , أولا وقبل كل شئ يجب أن نكون أمناء مع أنفسنا ان الجانب الفنى
التنفيذى لعملية الإنتخابات قامت به المفوضية القومية على أكمل وجه وكان رائعا ومتميزا تجلت فيه مقدرة التنفيذى السودانى فى الأداء العام , ثانيا أن المفوضية أوجدت سجل إنتخابى دائم وعلى الناخب أن
يسأل نفسه عن معنى أن يكون هناك سجل دائم للإنتخابات فى بلد شاسع كالسودان الشئ الذى لم يكن موجودا من قبل وهذا إنجاز يضاف إلى رصيد الديمقراطية فى السودان وليس خصما عليها مهما قيل عنه , كما أن
المفوضية إستطاعت أن تفتح مسارات حميمية مع قيادات الأحزاب السياسية من خلال المؤتمرات الصحفية وسمنارات وندوات التواصل الحزبى السياسى للإنتخابات التى كانت تدعو لها المفوضية القومية من لحظة إلى
أخرى منذ إعلانها للجداول الزمنية ونشر السجلات , وقد تحدثت فى إحدى السمنارات تلك اننا فى حاجة إلى أن نعرف بعضنا كقوى سياسية وأن نخلق روابط إجتماعية أصيلة تساهم بقدر كبير فى رتق الخلل السياسى
فى البلاد , وإنما العمل السياسى الناضج منشأه العلاقات الإجتماعية الأصيلة . نضف إلى هذه المكاسب العلمية فى مسيرة الديمقراطية , الإنضباط والأداء النادر التى قامت به الشرطة السودانية والأجهزة
الأمنية الأخرى بكفاءة وإقتدار نادرين مما مهد الأجواء لنجاح العملية الإنتخابية وأن تنتهى بسلام دون عوائق او تفلتات تذكر مما يوحى بأن الديمقراطية فى طريقها إلى التجزر فى أفئدة كانت بعيدة عنها
كل البعد . نضف إلى هذا الرصيد أيضا التواجد الإعلامى الواعى فى مكان الحدث الذى تعامل مع الإستراتيجية الإعلامية التى وضعتها المفوضية بوجود القيادات الإعلامية وقيادات الأحزاب السياسية من خلال
حزمها الثلاث والتى نفذتها الأجهزة الإعلامية وجعلتها تتسق تماما مع رسالة المرحلة الإنتخابية . فى النهاية نقول أن الدول التى وصلت إلى الديمقراطية الراقية والتى تبهر الأبصار لم تصل إليها إلا من
خلال التجارب العلمية والتراكمات العملية مما أوجد لها إرثا توارثته الأجيال , إستطاعت أن تعيد به صياغة مجتمعاتها نحو السلام والتطور الإقتصادى والرفاهية الإجتماعية . [email][email
protected][/email]